باسم الله الرحمان الرحيم
السؤال الذي قد يطرح نفسه عند التطرق الي هذا الموضوع
هو هل أن طبيعة الشخص قد ولدت معه أم أنها شيئ نكتسبه فيما بعد نتيجة عوامل كثيرة
قد نقول بأن الانسان الهادئ قد خلق هكذا لأنه تربي في بيئة هادئة بين والدين
هادئين بسيطين لا تغريهما ضوضاء الحياة وتعقيداتها وانما اكتفا منها بالشيئ الذي يعيلهما
ويعيل أبنائهما فلا تراهما في مقدمة الصفوف لأجل افتكاك قوتهما وانما يقتنعان بكسبهما
حتي ولو كانا في اخر الصفوف
هذا الشخص قد أثرت فيه هذه العوامل الأسرية البسيطة لكي يكون هادئ الطبع ميالا الي
السلم والقناعة
ولكن لو نظرت الي أخ له من أبويه لوجدته مختلفا عنه في طباعه فهذا الأخير حاد الطبع
يكره العزلة ويتفنن في اكتساب المعارف والعلاقات وهو يكره الصفوف الأخيرة وتراه دائما
يخلق المبادرات متبرما من بساطة حياة عائلته بل تراه يسابق الناس لاكتساب مقعده ورزقه
فاذا وجد النقيض في طبائع الاخوة في نفس العائلة فان القول بأن الطبائع يمكن أن تكتسب أو
أن تخلق فينا نتيجة عوامل وراثية أوطبيعية أمر خاطئ حسب نظري
فطبائع الناس هبة من عند الله وكل طبيعة تعتبر صفة جميلة أودعها الله اليك ليختبرك
علي ما أنت فيه من طبائع
ولكن هناك من الناس من لا يفهم طبيعته ولا يتأقلم معها ولا يوضفها في الخير فتراه
متبرما مثلا بطبيعته الميالة الي الهدوء أو الي الحياء فتراه يبرح ذاته ويحملها ما لا تطيقه
لكي يكون انسانا " اجتماعيا " و " جدابا " و " محبوبا " من طرف الاخرين حسب تعبيره
فيدوس علي هذه الطبيعة التي حباه الله بها ويلبس طبائع أخري غريبة عنه ويأتي بتصرفات
لا يحسها وليس مقتنعا بعا بل فقط لأجل أن يكون كما يريده الاخرون أو يتوهم أن ذلك هو
ما يريد الاخرون
فهذا الشخص لا يعيش ما يفعله ولا يقتنع به فينتج عن ذلك تصادم بين ما هو عليه من طبيعة
وبين ما يأتي به من أفعاله وينتج أيضا تصادم بينه وبين الاخرين اذ ان هناك خلل في التعبير
عن نفسه امام الاخرين فلا يفهمونه ولا يطيقون تصنعه
وينتج عن ذلك احباط والسخط علي نفسه والياس من تحقيق ذاته التي يبحث عنها خارج ذاته
وقد يلجأ الي اتيان تصرفات تضر به وتضر بالاخرين كالانتحار أو ارتكاب الجرائم وغيرها
وفي المقابل فان الشخص حاد الطبع والاجتماعي والذي يكتسب العديد من المهارات
الاجتماعية في التعامل مع الناس فانه قد يستخدم كل ذلك في الضرر بنفسه وبالاخرين
فيستعمل أسلوبه الساحر في الكلام بالايقاع بغيره من الناس سواء في علاقاته العاطفية
او التجارية والاقتصادية
فيجد هذا الشخص نفسه مذموما مطرودا من المجتمع لأنه لم يستطع أن يوظف طبيعته التي وهبها
الله اليه في فعل الخيرات لنفسه وللناس وقد يتبرم من نفسه ويسخط عليها ويحاول أن يكون
ذاك الشخص الهادئ المسالم ولكنه لا يستطيع لما جبلت عليه نفسه من النشاط والحركة
الخلاصة هو أنه يجب التأقلم مع ما أعطاه الله لنا من طبائع ونوضفها الي ما فيه
الخير لنا ولغيرنا فالانسان الهادئ له من المميزات التي تجعل منه انسانا هادفا فليس
له الا أن يختار الهواية التي تناسب طبعه والعمل الذي يناسب طبعه ويجب أن يكون كما هو
بين الناس فلا يتصنع ولا يحاول أن يكون انسانا أخر بل يوضف طبعه ليكسب ود الناس
وثقتهم فيكون محبوبا كما هو
ينطبق هذا الأمر علي الشخص الاخر الذي يكره الهدوء فقد حباه الله بمميزات كي يكون
انسانا هادفا فاعلا في مجتمعه فعليه فقط أن يوضف طبعه في عمل الخير لنفسه وللناس
وعليه أن يختار العمل الذي يتلائم مع طبعه فقد يكون انسانا قائدا يحتاج اليه المجتمع
فكن كما أنت أخي او اختي
فاذا أحببنا الناس علي طبائعهم فقد نتجنب الكثير من المشاكل الاجتماعية في مجتمعنا
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire